التخطي إلى المحتوى الرئيسي

يسوع التاريخ وشهادة يوسيفوس


يسوع التاريخ وشهادة يوسيفوس
تم نشر هذا المقال في مجلة مدرسة الإسكندرية (مجلة أكاديمية لاهوتية) العدد العاشر، السنة الرابعة- يناير 2012، ص58-66
شكَّل البحث عن يسوع كشخص وُجد في التاريخ تحديًا كبيراً منذ القرون الماضية، كان التساؤل هو: هل من الممكن ان نجد أثراً ليسوع خارج كتابات العهد الجديد والأدب المسيحي؟
قد يُصدم البعض أن مئات الكتب والمقالات في العصر الحديث تجيب بلا وتنفي تماماً وجود أي ذكر تاريخي ليسوع خارج نطاق الأدب المسيحي.

لكن الإجابة هي على النقيض تماما، نحن لدينا العشرات من النصوص التاريخية التي تؤكد وجود شخص يسوع، بل وتؤكد أيضاً أن هؤلاء الذين ذكروه كانوا على وعي جيد بالإعتقاد بألوهية يسوع، وليس فقط في الأعمال الأدبية بل نجد أيضا تلك الإشارات على شواهد القبور وصناديق عظام الموتي Ossuaries.

في العام 1945 إكتشف اليعازر سوكنيك Eleazar L. Sukenik صندوقين لحفظ عظام الموتي (أوعية للعظام) في المنطقة المجاورة لأورشليم في ضاحية تالبوت Talpioth، يوجد على هذه الصناديق ما يُرَجَح أنه أقدم سجل مسيحي موجود حتى الآن[1]، ويُعتقد انه جرى إستخدام حجرة الدفن هذه ما بين 40-50م[2]، وعلى جدران هذه الصناديق نجد نقوشاً بالفحم بحروف يونانية، اهم هذه النقوش هي النقشان 7 و8:

No. 7: graffito in charcoal on the face: ’Ιησούς ’ιού (Jesus, woe!)
No. 8: in letters cut into the lid:  ’Ιησούς ’αλώθ (Jesus, alas!)

إقترح Sukenik مع قدر كبير من المعقولية، ان كلا من هذه الكتابات يشير إلي يسوع، وأيد هذه الحجة بوجود أربعة صلبان على الصندوق الثاني. لكن في حين يفترض Sukenik ان النقوش هي رثاء على صلب المسيح[3]، يشير ف.ف. بروس F.F. Bruce أن الأكثر إحتمالاً هو ان النقش الأول هو صلاة ليسوع من أجل المساعدة، والثاني هو صلاة ليسوع لكي يقوم الشخص صاحب العظام من الأموات[4].
وبرغم من الإشكاليات التي قد تحيط بتفسير معنى تلك النصوص، فمن الواضح إنها تشير إلى يسوع كشخص يُتعبد له، أو على الأقل تُرفع له الصلوات.

هناك نصوص نجدها على سبيل المثال (وليس الحصر) في كتابات تالوس Thallus (55م)[5]، بليني الصغير Pliny the Younger (61-113م)[6]، سيوتونيوس Suetonius (70-140م)[7]، تاسيتس Tacitus (55-120م)[8]، مار بار سرابيون Mara bar Serapion (73م)[9]، لوسيان الساموساطي Lucian of Samosata (115-200م)[10]، وكلسس Celsus (175م)[11].
[إنظر الهوامش من أجل تفاصيل أكثر عن الكتابات السابق ذكرها]

لكن النصوص الخاصة بيسوع التاريخي لا تقتصر فقط على كتابات المؤرخين الوثنيين، لكنها تمتد للكتابات اليهودية. على سبيل المثال نجد نصوصًا عديدة في التلمود والكتابات الرابانية تشير إلي يسوع[12]، كما أن بعض العلماء يطرحون فكرة ان هناك إشارات ليسوع في مخطوطات قمران[13]. لكن أهم تلك النصوص المتعلقة بيسوع هي تلك التي ذكرها يوسيفوس المؤرخ اليهودي، وهو أيضاً أكثر هذه النصوص إثارة للجدل.

يسوع التاريخي وشهادة يوسيفوس The Testimonium Flavianum:

فلافيوس يوسيفوس (37-100م): هو مؤرخ يهودي، وُلد في أورشليم وشهد خرابها على يد طيطس. ينحدر من عائلة كهنوتية، ألم باللغة اليونانية، عُينَ قائداً في الجليل خلال الحرب اليهودية التي إندلعت عام 66م. عُرف يوسيفوس كمؤرخ "الحرب اليهودية" (نملك النسخة اليونانية لكن النسخة الآرامية ضاعت)[14]. دوَّن "العصور اليهودية القديمة Jewish Antiquities" وهو الكتاب الذي تحدث فيه عن "يسوع".

وشهادة يوسيفوس هي ذلك النص الذي كتب فيه عن يسوع التاريخي في كتابه "العصور اليهودية القديمة"، يقول يوسيفوس[15] Antiq. 18.3.3:

"الآن، كان في ذلك الوقت يسوع، رجل حكيم، إذا كان من المشروع أن ندعوه رجلاً، كان فاعلا لأعمال رائعة- معلما لرجال يقبلون الحق بمتعة. جذب إليه العديد من اليهود، وعديد من الأمم. كان [الـ]مسيح. وعندما حكم عليه بيلاطس بالصلب، بإيعاز من المسئولين بيننا، الذين أحبوه لم يتخلوا عنه، لأنه ظهر لهم حيا مرة أخرى في اليوم الثالث، كما تنبأ الأنبياء عن هذه الأشياء وآلاف أخرى من الأشياء الرائعة المتعلقه به، ودعيت قبيلة (طائفة) المسيحيين من إسمه، ولم ينقرضوا حتى هذا اليوم"

"Γίνεται δέ κατά τούτον τον χρόνον Ίησοϋς σοφός άνήρ, ειγε άνδρα αύτόν λέγειν χρή. ή ν γάρ παραδόξων έργων ποιητής, διδάσκαλος άνθρώπων των ήδονη τάληθή δεχομένων, και πολλούς μεν 'Ιουδαίους, πολλούς δέ καί του Ελληνικού έπηγάγετο. ό Χριστός ούτος ήν. και αυτόν ένδείξει των πρώτων άνδών παρ' ήμΐν σταυρώ έπιτετιμηκότος Πιλάτου ούκ έπαύσαντο οί τό πρώτον άγαπήσαντες. έφάνη γάρ αύτοΐς τρίτην έχων ήμέραν πάλιν ζών των θείων προ- φητών ταυτά τε καί άλλα μυρία περί αύτοϋ θαυμάσια είρηκότων. Εις έτι τε νυν τών Χριστιανών άπό τούδε ώνομασμένον ούκ έπέλιπε τό φΰλον."[16]

في الواقع هناك تشكيك في أصالة تلك العبارات ليوسيفوس، خاصة وأن المخطوطات الواردة إلينا عن يوسيفوس ترجع لعصور مسيحية كلها، لكن على كل حال هذا ليس دليلاً كافيا على عدم أصالة النص.
وتنقسم الأراء حول هذا النص إلي:
1.     الرأي الأول يرفض هذه الشهادة ويعتبرها تزويرا أضيف إلى النص الأصلي من أجل الترويج للمسيحية.
2.     الرأي الثاني يقبل مصداقية هذه الشهادة ويعتبرها جزءا لا يتجزأ من كلام يوسيفوس.
3.     الرأي الثالث وهو الأكثر قبولاً،  فيعتبر ذكر يسوع في الكتاب موثوق به، غير أن كتّابًا مسيحيين أضافوا إليه التعابير والمصطلحات من إجل تعظيم كلمات يوسيفوس عن يسوع.

 لكن هل هناك دلائل على أصالة عبارات يوسيفوس، أول على الأقل دلائل على ذكر يسوع كشخص تاريخي في كتابات يوسيفوس؟

أدلة لغوية:
-         يستخدم يوسيفوس هنا تعبير "مسيح" بصورة مطلقة، إن كلماته في الواقع محايدة ووصفية، وهو لا يعترف ولا ينكر أن يسوع هو مسيح.
-         يدعو يوسيفوس يسوع "رجل حكيم"، وهو تعبير ليس من المتوقع أن يقوله رجل مسيحي، فهو ليس لقبًا مسيحي الإستخدام، ولا نجده مستخدماً في أي من الكتابات المسيحية اللاحقة او السابقة. بالإضافة إلى أن يوسيفوس يستخدم هذا اللقب للحديث عن سليمان (Ant. 8.2.7) و دانيال (Ant. 10.11.2)، وكذلك يستخدم تعبيرًا مشابهًا عن يوحنا المعمدان ((Ant. 18.5.2
-         يقول يوسيفوس عن يسوع إنه كان "فاعلا لأعمال رائعة" παραδόξων έργων ποιητής وهو ليس تعبير يأتي من مسيحي يتحدث عن يسوع، في الواقع هو تعبير غامض و يمكن أيضاً ترجمته لـ"أعمال مثيرة للجدل"، ويمكن قراءة التعبير ببساطة أنه كان ليسوع سمعة بإعتباره صانعًا لأعمال عجيبة[17].
-         " معلما لرجال يقبلون الحق بمتعة"، كلمة "متعة pleasure" (ηδονή)، كلمة تجنب الكتاب المسيحيون الأوائل إستخدامها لأنها مرتبطة بمذهب المتعة Hedonism[18].
-         عبارة "، الذين أحبوه لم يتخلوا عنه"، هي إسلوب لغوي مميز ليوسيفوس، ويشير لإستمرارية المسيحية بعد وفاة مؤسسها[19].
-         دعوة المسيحيين "قبيلة" (φϋλον) هو تعبير لا يمكن إستخدامه من قبل كاتب مسيحي. بل في الواقع هو تعبير غريب وغير مألوف، وربما يحمل أيضا دلالات سلبية لكن ليس بالضرورة.

أدلة من النصوص الأخرى:

مثلت هذه الشهادة أهمية كبيرة للكنسية الأولى، وقد أشار إليها أوريجانوس بصورة غير مباشرة،
وبرغم أن أقدم مخطوط لدينا عن يوسيفوس يرجع للقرن السابع، لكن تم إقتباس النص من قبل يوسابيوس (260-339م) في نص يرجع إلى القرن الرابع[20] وذلك في كتابه تاريخ الكنيسة (1.11.7 Ecclesiastical History)، حيث ينقل يوسابيوس عن يوسيفوس كلماته قائلاً:

"وهنالك عاش في ذلك الوقت يسوع، إنسان حكيم، إن كان من اللائق حقا أن يدعى إنسانًا. لأنه صنع أعمالاً عجيبة، وعلم الناس فقبلوا بفرح. وقد ضم إليه الكثيرين من اليونانيين ايضا. كان هو المسيح"[21].
وبالرغم من ان يوسابيوس ينقل لنا نصاً مقارباً جدا في ألفاظه من نص يوسيفوس، إلا أن هناك إقتباس أكثر أهمية منه، وهو أوريجانوس (185-254م)، في كتابه ضد كلسس Contra Celsum 1, 47، يشير أوريجانوس[22]:
"المؤلف نفسه [يوسيفوس] على الرغم من أنه لايعتقد أن يسوع هو المسيح، فهو[يعتقد] انه سبب سقوط اورشليم وتدمير الهيكل

"῾Ο δ' αὐτός, καίτοι γε ἀπιστῶν τῷ ᾿Ιησοῦ ὡς Χριστῷ,  ζητῶν τὴν αἰτίαν τῆς τῶν ῾Ιεροσολύμων πτώσεως καὶ τῆς  τοῦ ναοῦ καθαιρέσεως, δέον αὐτὸν εἰπεῖν ὅτι ἡ κατὰ τοῦ  ᾿Ιησοῦ ἐπιβουλὴ τούτων αἰτία γέγονε τῷ λαῷ, ἐπεὶ ἀπέκτειναν  τὸν προφητευόμενον Χριστόν"[23]

هنا يبدي أوريجانوس إستياءه من رفض يوسيفوس ليسوع كمسيا،  وربما يوحي هذا بمحاولة إضفاء صبغة مسيحية على النص الحالي الذي وصلنا عن يوسيفوس، لكن المهم أنه يؤكد على أصالة ذكر شخصية يسوع في عمل يوسيفوس.
لسنا هنا بصدد الوصول لألفاظ يوسيفوس الأصلية عن يسوع، لكن ما نعنيه هو أصالة ذكر يوسيفوس لشخص يسوع، مع ذلك يمكننا من خلال تصور محايد وضع تصورات للعبارات المسيحية التي دخلت على النص (وهي بالأحرف المائلة):

"الآن، كان في ذلك الوقت يسوع، رجل حكيم، إذا كان من المشروع أن ندعوه رجلاً، كان فاعلا لأعمال رائعة- معلما لرجال يقبلون الحق بمتعة. جذب إليه العديد من اليهود، وعديد من الأمم. كان هو [الـ]مسيح. وعندما حكم عليه بيلاطس بالصلب، بإيعاز من المسئولين بيننا، الذين أحبوه لم يتخلوا عنه، لأنه ظهر لهم حيا مرة أخرى في اليوم الثالث، كما تنبأ الأنبياء عن هذه الأشياء وآلاف أخرى من الأشياء الرائعة المتعلقه به، ودعيت قبيلة (طائفة) المسيحيين من إسمه، ولم ينقرضوا حتى هذا اليوم"[24]
أحد الأسباب التي تؤيد هذه الصياغة المحايدة، هي النسخة العربية التي وجدت في كتاب أغابيوس (موهوب بن قسطنطين توفي 942م): التاريخ العالمي، وهو أسقف هيرابوليس الملكاني وكاتب مسيحي من القرن العاشر[25]، وهو يحتوي على نسخة تميل جدا للصياغة المحايدة التي إقترحناها[26].

Jesus Healing
تعطينا  شهادة يوسيفوس في الواقع الكثير من المعلومات عن يسوع، فهو "فاعل لأعمال رائعة (عجيبة)"، هذه إشارة واضحة عنما سردته الأناجيل عن يسوع كفاعل للمعجزات. وهو رجل "حكيم...معلما لرجال...  جذب إليه العديد من اليهود"، هذه إشارة مباشرة ان يسوع كان "معلماً" لرسالة ما "حكيمة" برغم ان يوسيفوس لا يخبرنا بمحتوى هذه الرسالة. تؤكد الإشارة على موت المسيح وصلبه بحكم بيلاطس كحقيقة تاريخية.

إن اهم الدلالات التي نراها في كل تلك الشواهد التاريخية خارج الكتابات المسيحية القانونية، هي أن يسوع التاريخ هو ذاته يسوع الإيمان. لقد أصبح من المؤكد لنا الآن أن شخص يسوع لم يكن مجرد شخص من أبطال الميثولوجيا التي أبتدعها الأقدمون. يرتكز الإيمان المسيحي على حقائق قائمة في التاريخ، لا توجد هوة بين حقائق التاريخ ومرويات الإيمان، لذا لاي مكن في الوقت ذاته النظر ليسوع التاريخ بمعزل عن يسوع الإيمان، او النظر ليسوع الإيمان بمعزل عن يسوع التاريخ، كلاهما شخص واحد لابد أن ينظر إليه عبر تلك الحقيقتين: الإيمان والتاريخ[27].





[1] F.F. Bruce, “Archaeological Confirmation of the New Testament”, Carl F.H. Henry, ed., Revelation and the Bible. Contemporary Evangelical Thought, Grand Rapids: Baker, 1958,  London: The Tyndale Press, 1959. pp.327
[2] James H. Charlesworth, ed., Jesus and Archeology, Wm. B. Eerdmans Publishing 2006, p. 664
[3] E.L. Sukenik, The Earliest Records of Christianity, American Journal of Archaeology 51,1947, pp.351-365
[4] F.F. Bruce, “Archaeological Confirmation of the New Testament”, p. 328
[5] هو مؤرخ سامري كتب باليونانية ثلاث مجلدات عن تاريخ شرق منطقة البحر المتوسط، منذ سقوط طروادة عام 50 ق.م. في الواقع معظم كتبه، مثلها مثل غالبية الأدب القديم، قد فقدت، لكن نجدها محفوظة في إقتباسات كتاب آخرين مثل يوليوس أفريكانوس (حوالي 160-240م) في كتابه تاريخ العالم. أهم ما سجَّله ثالوس تعليقه على الظلمة التي غطت الأرض وقت الظهر عندما مات يسوع على الصليب. ويقول أفريكانوس: «يفسر ثالوس هذه الظلمة بحدوث كسوف للشمس- وهذا التفسير غير معقول من وجهة نظري لأن الكسوف الشمسي لا يمكن أن يحدث وقت اكتمال القمر، وكان ذلك الوقت هو وقت عيد الفصح عند اكتمال القمر عندما مات المسيح".
(Julius Africanus, Chronograohy 18.1), The Extant Fragments of the Five Books of the Chronography, Blackmask Online 2002
[6] هو ابن أخت بليني الكبير، محامي ومؤلف وقاض في روما القديمة، كتب عدة رسائل للإمبراطور تراجان، وفي الرسالة ال96 من الكتاب العاشر، ويكتب للإمبراطور يستشيره في كيفية معاملة المسيحيين. وقد أوضح له أنه كان يقتل الرجال والنساء، والصبية والفتيات منهم. ولما كان الكثير منهم يُقتلون، فقد تساءل فيما إذا كان ينبغي له الاستمرار في قتل أي شخص يكتشف أنه مسيحي أو أن يقتل فقط أشخاصاً معينين. وأوضح أيضاً أنه جعل المسيحيين يسجدون لتماثيل تراجان: ويواصل بلِّيني قائلاً: إنه جعلهم يلعنون المسيح، وهو الأمر الذي لا يقبله المسيحي الحقيقي. وفي نفس الرسالة يحكي عن الذين حوكموا: إلا أنهم أكدوا أن ذنبهم أو خطأهم الوحيد هو أنه كانت لهم عادة أن يجتمعوا في يوم معين قبل بزوغ النهار ويرنموا ترنيمة للمسيح، كما لو كان إلهاً، ويتعهدوا عهد الشرف ألا يرتكبوا شراً أو كذباً أو سرقة أو زناً، وألا يشهدوا بالزور وألا ينكروا الأمانة متى طُلب منهم أن يؤدوها. (برهان جديد يتطلب قرار- نسخة إلكترونية)
(Book 10, Epistle 96) ,Pliny the younger Complete letters, trans. P. G. Walsh, Oxford University Press 2006
[7] هو مؤرخ من بلاط الملك هادريان، ومدونا للسجلات اليومية للقصر الملكي، كان صديقا لبليني الصغير (Pliny, Letters
1.18)، في عمله حياة القياصرة يشير سيوتونيوس في عدة مواضع إلي المسيح والمسيحيين، ففي الكتاب الخامس من حياة القياصرة وهو عن كلوديوس يقول: "طرد [كلوديوس] اليهود من روما، لأنهم كانوا يقومون بإضرابات بتحريض من المسيح  Judaeos
impulsore Chresto assidue tumultuantis Roma expulit " ،وهو الحدث الذي أرخه لوقا في (اعمال الرسل 2:18)
(Lives of Caesars  25.4), Suetonius, trans. J. C. Rofle, Harvard University Press 1959
وفي موضع آخر يكتب سيوتونيوس عن الحرائق التي اجتاحت روما عام 64م أثناء حكم نيرون. يقول سيوتونيوس: "لقد فرض نيرون العقوبات على المسيحيين، وهم جماعة من الناس يتبعون بدعة شريرة جديدة". (Lives of the Caesars 26.2)
[8] هو مؤرخ روماني ويعتبر أعظم المؤرخين الرومان، في كتابه الحوليات Annals 15:38-45)) يصف حريق روما الشهير عام 64م وما تلاه من تبعات ومن خلال ذلك يبدأ في تعريف قراءة بالمسيح والمسيحيين. وفي Annals 15:44)) يقول تاسيتوس: " لذلك ولوضع حد للشائعات [حول المتسبب في حريق روما]، وجد نيرون جناة أنزل بهم عقوبات قاسية. هؤلاء هم الذين كانوا مكروهون بسبب جرائمهم المشنية، هؤلاء يدعوهم العامة "مسيحيين". والرجل الذي أعطاهم هذا الإسم، المسيح، تم إعدامه إبان حكم طيباريوس بواسطة الحاكم بيلاطس البنطي Auctor nominis eius Christus Tiberio imperitante per procuratorem Pontium Pilatum supplicio adfectus erat"
Robert E. Van Voorst, Jesus outside the New Testament: An introduction to the Ancient Evidence, Eerdmans 2000, p. 40; Tactius, The Annals, trans. J. C. Yardley, Oxford University Press 2008
[9] هو شخص كتب رسالة بليغة بالسريانية لإبنه والذي يُدعى سيرابيون ايضا، من المحتمل ان يكون هذا الشخص فيلسوفا رواقيا وهذا ما نستشفه من محتوى رسالته. ويرجع المخطوط الوحيد الذي لدينا لهذه الرسالة (وهو محفوظ في المتحف البريطاني Syriac MS Additional 14,658) إلي القرن السابع. في رسالته هذه يقارن بين يسوع وإثنين من الفلاسفة هما سقراط وفيثاغورس، يكتب: " أية فائدة جناها الأثينيون من قتل سقراط؟ لقد أرتد عليهم بالجوع والوبأ. وأية فائدة جناها أهل ساموس من حرق فيثاغورس؟ لقد غطت الرمال أرضهم في ساعة واحدة. وأية فائدة جناها اليهود من قتل ملكهم الحكيم؟ لقد تلاشت مملكتهم عقب ذلك الوقت. لقد انتقم الله بعدل لحكمة هؤلاء الرجال الثلاثة: فقد مات الأثينيون من المجاعة، وغطَّى البحر سكان ساموس وطُرد اليهود من بلادهم وتشتتوا في كل الأمم. ولكن سقراط لم يمت ولكنه عاش [في تعاليم] أفلاطون ولم يمت فيثاغورس، فقد [عاش] في تمثال جونو، ولم يمت الملك الحكيم إلى الأبد، ولكنه [عاش] في التعاليم التي أسسها"
Mara Bar-Serapion, trans. Roberts-Donaldson, http://www.earlychristianwritings.com/mara.html
[10] من كتاب الهجاء اليونانيين ومحاضرمرتحل، في كتابه The Death of Peregrinus تحدث بازدراء عن المسيح والمسيحيين. يكتب لوسيان في هذا الكتاب مخاطبا كرونيوس: " المسيحيون، كما تعلم، يعبدون لهذا اليوم، الشخص الفريد الذي وضع الطقوس الخاصة بهم، وصُلب لهذا السبب
εκείνον öv ετι σέβουσι, τον «νθρωπον τόν έν τ ρ Παλαιστίνη άνασκολοπισθέντα, ότι καινήν ταύτην τελετήν ές τόν βίον" The Death of Peregrinus 11
ويشير في موضع آخر: " لقد انكروا [المسيحيين] الآلهة الوثنية وبدأوا في عبادة الصوفي المصلوب وعاشوا حسب تعاليمه
έπειδαν απαξ παραβάντες θεούς μέν τους Ελληνικούς άπαρνήσωνται, τον δέ άνεσκολοπισμένον εκείνον σοφιστήν αύτόν προσκυνώσιν και κατά τους εκείνου νόμους βιώσιν" The Death of Peregrinus 13
هذا بالإضافة لعدة مواضع أخرى يذكر فيها لوسيان المسيحيين والمسيح.
Lucian: Vol 8, trans. A. M. Harmon, Harvard University Press 1962
[11] هو فيلسوف من فلاسفة الأفلاطونية المحدثة، ويعتبر اول من هاجم المسيحية في كتاب بعنوان "الكلام الصحيح Αληθής Λόγος"، وهو الكتاب الذي رد عليه أوريجانوس في مؤلف بعنوان Contra Celsumفي الواقع كتاب كلسوس يعطينا منظورا قيما عن المسيحية من أحد أكثر المزدرين بها ثقافة. ويعطينا ايضا معلومات قيمة عن الردود اليهودية على المسيحية في القرن الثاني، فقد استخدم كلسوس نطاق واسع من الجدل اليهودي ضد المسيحيين. لا توجد لدينا نسخ مستقلة من كتاب كلسوس لكن لدينا ما نقله اوريجانوس عنه. يناقش كلسوس كل شئ من نسب يسوع، الحبل به، ولادته، موته وقيامته، وإستمرار تأثيره.
R. Joseph Hoffmann, Celsus, on the True Doctrine, Oxford University Press 1987; Henry Chadwick, Origen: Contra Celsum, Cambridge University Press 1980
[12] للمزيد عن هذه النصوص يمكن الرجوع إلي
Peter Schäfer, Jesus in the Talmud, Princeton University Press 2007; Robert E. Van Voorst, Jesus outside the New Testament: An introduction to the Ancient Evidence, Eerdmans 2000, pp. 75-129
[13] للمزيد عن هذه النقطة يمكن الرجوع إلي
James H. Charlesworth, ed., Jesus and the Dead Sea Scrolls, New York: Doubleday, 1992; Klaus Berger, The Truth under Lock and Key? Jesus and the Dead Sea Scrolls, Louisville: Westminster John Knox, 1995; Craig A. Evans, "The Recently Published Dead Sea Scrolls and the Historical Jesus," Studying the Historical Jesus: Evaluations of the State of Current Research, ed. Bruce Chilton and Craig A. Evans (NTTS 19); Leiden: Brill, 1994, pp. 547-565
[14] بولس الفغالي، المحيط الجامع في الكتاب المقدس والشرق القديم، المكتبة البولسية 2003، مدخل: يوسيفوس
[15] William Whiston & Paul L. Maier, The New Complete Works of Josephus with Commentary, Kregel 1999
[16] Robert E. Van Voorst, Jesus outside the New Testament: An introduction to the Ancient Evidence, Eerdmans 2000, p. 85
[17] Robert E. Van Voorst, Jesus outside the New Testament: An introduction to the Ancient Evidence, Eerdmans 2000, p. 89
[18] Robert E. Van Voorst, Jesus outside the New Testament: An introduction to the Ancient Evidence, Eerdmans 2000, p. 90
[19] Robert E. Van Voorst, Jesus outside the New Testament: An introduction to the Ancient Evidence, Eerdmans 2000, p. 90
[20] John Thackeray, Josephus the man and Historian, KTAV Publishing House, Inc. 1967, p. 138
[21] يوسابيوس القيصري، تاريخ الكنيسة، ترجمة القمص مرقس داود، مكتبة المحبة 1979،
Paul L. Maier, Eusebius: The Church History, A New Translation with Commentary, Kregel 1999
[22] تتكرر هذه الإشارة أيضاً في Commentary on Matthew 10.17
[23] Contra Celsum, ed. M. Borret, Origsis 2001, MUSAIOS Software 2010
[24] Robert E. Van Voorst, Jesus outside the New Testament: An introduction to the Ancient Evidence, Eerdmans 2000, p. 93
[25] Alice Whealey, The The Testimonium Flavianum in Syriac and Arabic, in New Test. Stud. 54, pp. 573–590; Shlomo Pines, An Arabic Version of the Testimonium Flavianum and its Implications, Jerusalem: Israel Academy of Arts and Humanities 1971
[26] النص العربي يمكن الوصول إليه في
Agapious (Mahboub) De Menbidj, Kitab Al-Unva (Histoire Universelle), Editee et Traduite en Francasie par Alexandrie Vasiliev, Patrologia Orientalis 1907 (Four Volumes)
[27] للمزيد عن هذا الموضوع: يسوع التاريخ ويسوع الإيمان يمكن الرجوع إلى
Joseph Ratzinger (Pope Benedict XVI), Jesus of Nazareth, Doubleday Religion 2007; Joseph Ratzinger (Pope Benedict XVI), Jesus of Nazareth: Holy Week: From the Entrance Into Jerusalem To The Resurrection, Ignatius Press 2011

تعليقات

  1. كل الشكر لكم على هذا التوضيح الجميل , الرب معكم.

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لحن آجيوس إستين (أوو كيريوس ميتاسو)

  ملحوظة لقراءة الكتابة القبطية يجب تحميل هذا ال Font (إضغط هنا) يُرجح أن الألحان الكنسية نشأت مع الكنيسة نشاة الكنيسة نفسها، وتنوعت الألحان بحسب التراث الثقافي والحضاري الذي نشأت فيه كل كنيسة محلية. وتعتبر الأحان الكنسية هي جزء لا يتجزأ من العبادة، فهي كما يشير القديس باسيليوس: إن الترنيم هو هدوء النفس ومسرة الروح، يسكن الأمواج ويسكت عواصف حركات قلوبنا.

الطقس القبطي وتطور القداسات الثلاثة

[محاضرة ضمن مادة الكنيسة القبطية التي أدرسها بكلية اللاهوت الأسقفية] الطقس الديني هو مجموعة أفعال وتصرفات رمزية يستخدم فيها الإنسان جسده (عن طريق حركات معينة أو إرتداء زي معين أو ترديد كلمات معينة) لكي يُجسد أفكاره ومفاهيمه الدينية، ويُعبر عن علاقته بالقوى الفائقة التي يعبدها، مع الوقت يصير الطقس نمطًا سلوكيًا وجزءًا اصليلآ من العبادة الدينية، فمن خلال الطقس الديني يعيد الإنسان إحياء وتعيين تجربة مقدسة هي تجربة/خبرة تفاعله/تلاقيه مع الله من هنا فالطقس الديني يحتوى على أمرين: الرمزية والسلوك الإجتماعي.  والطقس الديني الجماعي (مثل ليتورجيا القداس في الكنيسة القبطية) يعزز من الإحساس بالشركة والوحدة داخل الجماعة، فالأفراد يقومون بعمل واحد معًا، وبالتالي فهو يعبر بصورة حية عن مفهوم الكنيسة ووحدتها. والطقس الديني في أساسه ليس غاية لذاته بل وسيلة للتعبير عن الغاية: العلاقة مع الله/ الإيمان؛ وينفصل الطقس عن تلك الغاية، حينما تتحول الممارسة الدينية إلى غاية في ذاتها.

الثاليا: قصيدة آريوس، مقدمة وترجمة

الآريوسية هي المسيحية الحقيقة: "المسيحية الموحدة بالله"، قَدَمَ هذه الفكرة أحد الكتاب المصريين ونشرها في احد الجرائد الرسمية، وكتب عدة مقالات متفرقة عنها. ووصف آريوس والآريوسيين بالـ "مسيحيين الموحدين بالله"، وكان القصد من ذلك الإشارة أن المسيحية الأرثوذكسية التي واجهت للآريوسية لم تكن موحدة بالله لوجود فكرة الثالوث ، وان آريوس – كحامل للمسيحية الصحيحة- قدم المسيح كإنسان ونبي. لكن في مجمع نيقية تم الحكم على آريوس ظلمًا وإختراع فكرة الثالوث وتأليه المسيح.