التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الإيمان الذي يفوق كل عقل: الجذور الوثنية للمسيحية: ج1 أسطورة حورس

الإيمان الذي يفوق كل عقل
(1) الجذور الوثنية للمسيحية
الجزء الأول: حورس 

يقول أندريه نايتون في مقدمة كتاب "الأصول الوثنية للمسيحية": "... لم تعترف الكنيسة الكاثوليكية حتى يومنا هذا بجذورها وأصولها الوثنية... ولقد آن الآوان اليوم ان ننظر إلي المسيحية على ضوء الدراسات المستجدة عن الوثنية"[1]
في الواقع ان أول من طرح هذه النظريات هو Godfrey Higgins (1772-1833م)، تلاه Kersey Graves والذي أصدر كتابه الشهير The World's Sixteen Crucified Saviors عام 1875م، بعد ذلك ظهرت كتابات Acharya S،  Tom Harpur،John G. Jackson،Peter Gandy، وغيرهم.
لكن هذه الكتابات قد تم التشكيك في دقتها وصحة معلوماتها ليس فقط من قبل العلماء المسيحيين، لكن أيضا من قبل العلماء الملحدين، مع التوافق العام في الآراء أن هذه الكتابات هي غير علمية وغير موثوق بها.
هؤلاء الذين أصدروا هذه الكتب بداية من هيجنز لايوجد فيهم أي متخصص في التاريخ أو اللاهوت أو الأديان او حتى الحضارات القديمة.

هذه النظرية والتي تُدعى الـCopycat (أي النسخ أو التقليد) تحاول وضع تشباهات بين يسوع وبين كل من: حورس، أتيس، كريشنا، ديونيسيوس، ميثرا، ...وغيرهم، على أساس أن المسيحية قد إقتبست تفاصيل شخصية وحياة يسوع منهم.
في الواقع لن نتناول كل الأسماء التي أشير إليها كمصدر لإقتباس شخصية يسوع، لكن فقط سنتناول أكثرها اهميه، وهي حورس وميثرا.
(تابع بالأسفل) 


1. حورس Horus:
التشابهات التي يشار إليها بين حورس ويسوع:
ولد حورس في الخامس والعشرين من ديسمبر، من عذراء تدعى إيزيس، ظهر نجمه في المشرق، عٌبد بواسطة ثلاث ملوك، كان معلما في سن الثانية عشر، عُمد في سن الثلاثين بواسطة أنوب، كان معلماً لإثناعشر تلميذاً، صنع معجزات مثل المشي على الماء وشفاء المرضى، له ألقاب مثل حمل الله، النور، الراعي الصالح، الحق، و إبن الله الممسوح، تم صلب حورس، ومات، ثم قام بعد ثلاثة أيام.

لكن ما الذي نعرفه حقاً عن حورس؟:
حورس هو الإسم اليوناني للإله المصري: "حور Hor"، أحد أقدم الآلهة في مصر القديمة. الهيئة الرئيسية له كانت في صورة صقر او عقاب. كان يعتبر تجسيدا للفرعون في حياة ما بعد الموت[2]، فهو إله السماء والإله الملكي. له شكلين رئيسيين هما: حورس الأكبر، وحورس الطفل (حاربوقراط)[3]، بعض الأحيان يتم إعتبارهما كإلهين منفصلين ينتميان لعهدين مختلفين، وفي أحيان أخرى يتم إعتبارهما شكلين لإله واحد.
حورس الكبير Horus the Elder (Harwer/Haroeris) هو الذي بدأ الخلق، وكإله السماء فجناحيه متسعان في المساء وعيناه كانتا الشمس والقمر[4]: كان الصقر دائماً أعظم رمز لحورس، ثم إقترن مع قرص الشمس، وفي النقوش المصرية حورس هو الإله ذو رأس الصقر[5].

أما حورس الطفل (أو حورس الأصغر) هو إبن إيزيس الذي كبر لينتقم لمقتل والده أوزوريس ويأخذ مكانه كحاكم لمصر، يصور على شكل إنسان له رأس صقر[6].

أسطورة ميلاد حورس:
تم العثور على قطع النص الذي يحتوي على هذه الأسطورة مكتوبة بالهيروغليفية على شاهد وهي محفوظة الآن في باريس[7].
تتفق الأساطير أنه بعد مقتل أوزوريس، إنطلقت إيزيس للبحث عن جثته، اتخذت شكل طائر، وحلقت دون توقف تقريبا ، ذاهبةً هنا وهناك، ووهي تبكي بصرخات الحزن. وأخيرا وجدت الجثمان، وتقول نصوص الأهرام  أن نفتيس Nephthys (أخت إيزيس وآلهة القدر) كانت  معها[8]. وبواسطة وسائل سحرية اعادت إيزيس أوزوريس للحياة وحبلت منه بحورس، الذي خباته حتى كبر وحارب سيث قاتل أبيه وإنتصر عليه، لكن في المعركة فقد حورس عينه اليسري (أي القمر) وتم شفاؤه بواسطة الإله Thoth.
في الواقع لم يكن الحبل عذريًا على الإطلاق، تصف أحد النقوش المصرية والموجودة في معبد إيزيس في فيلة هذا الحبل برسم لإيزيس في هيئة صقر وهي تحوم حول العضو الذكري لأوزوريس (إنظر شكل 1). وتشير الإسطورة أيضا ان سيث بعد قتله لأوزيريس قطع جسده لأربعة عشر قطعة وزعها على جميع انحاء مصر، وذهبت إيزيس لجمع اجزاء اوزيريس ونجحت في جمع كل القطعة إلا العضو الذكري لأوزوريس حيث كان سيث قد ألقاه في النهر وأكلته الأسماك، لكن إيزيس بواسطة السحر إستطاعت أن تجد بديلا للعضو وتمارس الجنس مع اوزوريس وتحبل بحورس (شكل 2).

لم يولد حورس من عذراء، ولا تخبرنا النصوص المصرية على ان لحورس إثناعشر تلميذا، أو أنه ولد في في الخامس والعشرين من ديسمبر، ولاخبرنا شيئًا عن صلبه أوقيامته بعد ثلاثة أيام.
إن تلك الكتابات التلفيقية تشير إلي وجود نقوش ونصوص مصرية تؤيد هذه الإدعاءات، لكنها في الوقت ذاته لا تقدم لنا أي دليل أو مرجع لهذه النصوص.

في الواقع كل النقوش الفرعونية قد نشرت الآن ويمكن الإطلاع عليها بسهولة.





[1] أندريه نايتون وآخرون، ترجمة سميرة عزمي الزين،الأصول الوثنية للمسيحية، منشورات المعهد الدولي للدراسات الإنسانية، ص15
[2] Margaret R. Bunson, Encyclopedia of Ancient Egypt, Facts on File 2002, p. 172
[3] Geraldine Pinch, Handbook of Egyptian Mythology, ABC-CLIO 2002, p. 143
[4] Geraldine Pinch, Handbook of Egyptian Mythology, ABC-CLIO 2002, p. 143
[5] قاموس أديان ومعتقدات شعوب العالم، مكتبة دار الكلمة لوجوس 2004، ص241
[6] Geraldine Pinch, Handbook of Egyptian Mythology, ABC-CLIO 2002, p. 143
يمكن الوصول لنص الأسطورة بالإنجليزية في
E. A. Wallis Budge, Legends of the Gods: The Egyptian Texts edited with translations, Kegan Paul, Trench and Trübner & Co. Ltd. 1912
[7] E. A. Wallis Budge, Legends of the Gods, p. 47
[8] E. A. Wallis Budge, Legends of the Gods, p. 49

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لحن آجيوس إستين (أوو كيريوس ميتاسو)

  ملحوظة لقراءة الكتابة القبطية يجب تحميل هذا ال Font (إضغط هنا) يُرجح أن الألحان الكنسية نشأت مع الكنيسة نشاة الكنيسة نفسها، وتنوعت الألحان بحسب التراث الثقافي والحضاري الذي نشأت فيه كل كنيسة محلية. وتعتبر الأحان الكنسية هي جزء لا يتجزأ من العبادة، فهي كما يشير القديس باسيليوس: إن الترنيم هو هدوء النفس ومسرة الروح، يسكن الأمواج ويسكت عواصف حركات قلوبنا.

الطقس القبطي وتطور القداسات الثلاثة

[محاضرة ضمن مادة الكنيسة القبطية التي أدرسها بكلية اللاهوت الأسقفية] الطقس الديني هو مجموعة أفعال وتصرفات رمزية يستخدم فيها الإنسان جسده (عن طريق حركات معينة أو إرتداء زي معين أو ترديد كلمات معينة) لكي يُجسد أفكاره ومفاهيمه الدينية، ويُعبر عن علاقته بالقوى الفائقة التي يعبدها، مع الوقت يصير الطقس نمطًا سلوكيًا وجزءًا اصليلآ من العبادة الدينية، فمن خلال الطقس الديني يعيد الإنسان إحياء وتعيين تجربة مقدسة هي تجربة/خبرة تفاعله/تلاقيه مع الله من هنا فالطقس الديني يحتوى على أمرين: الرمزية والسلوك الإجتماعي.  والطقس الديني الجماعي (مثل ليتورجيا القداس في الكنيسة القبطية) يعزز من الإحساس بالشركة والوحدة داخل الجماعة، فالأفراد يقومون بعمل واحد معًا، وبالتالي فهو يعبر بصورة حية عن مفهوم الكنيسة ووحدتها. والطقس الديني في أساسه ليس غاية لذاته بل وسيلة للتعبير عن الغاية: العلاقة مع الله/ الإيمان؛ وينفصل الطقس عن تلك الغاية، حينما تتحول الممارسة الدينية إلى غاية في ذاتها.

الثاليا: قصيدة آريوس، مقدمة وترجمة

الآريوسية هي المسيحية الحقيقة: "المسيحية الموحدة بالله"، قَدَمَ هذه الفكرة أحد الكتاب المصريين ونشرها في احد الجرائد الرسمية، وكتب عدة مقالات متفرقة عنها. ووصف آريوس والآريوسيين بالـ "مسيحيين الموحدين بالله"، وكان القصد من ذلك الإشارة أن المسيحية الأرثوذكسية التي واجهت للآريوسية لم تكن موحدة بالله لوجود فكرة الثالوث ، وان آريوس – كحامل للمسيحية الصحيحة- قدم المسيح كإنسان ونبي. لكن في مجمع نيقية تم الحكم على آريوس ظلمًا وإختراع فكرة الثالوث وتأليه المسيح.